أوقات الصلاة دقائق غالية، يقف خلالها المسلم مناجياً الله تباركت أسماؤه، ومن ثَمَّ ينبغي أن يترك المسلم الدنيا بمشاغلها وزينتها وراء ظهره، وأن يُقبل على الله في خشوعٍ وخضوعٍ قاصداً وجهه الكريم، وراغباً في مرضاته.
وعليك -أخي الحبيب- أن تراعي جملةً من النقاط، ونسأل الله أن يعينك على التركيز في الصلاة، والتدبُّر في القرآن، وأن يجنِّبك الشيطان، وفيما يلي بيانها:
1- استشعار عظمة الموقف:
مناجاة الله والصلاة بين يديه، يقتضيان أن يكون المسلم في كامل معيَّته، تاركاً الدنيا ومشاكلها خلف ظهره بقوله" الله أكبر،" ألا إنَّ الله أكبر من كلِّ شيء، والمرء ليس له من صلاته إلا ما عقل منها، ولابدَّ أن ندرك أنَّ الإنسان إذا وقف أمام مسؤولٍ في الدنيا فإنَّه يكون في كامل تركيزه، ويذهب إليه وهو مهيَّأٌ ومرتدٍ لأجمل الثياب، فما بالنا بربِّ المسؤول، وهو ربُّ العالمين تبارك وتعالى؟؟.
2-سلامة النيَّة:
يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم:" إنَّما الأعمال بالنيَّات، وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أَو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه"متَّفقٌ عليه، وعليه ينبغي أن يذهب المسلم إلى الصلاة مجدِّداً النيَّة، ويكون ذلك من باب العبادة وليست العادة، ويذهب بهمَّةٍ عالية، وحبٍّ كبير، من دون تكاسل، أو تباطؤ، أو إحساسٍ بثقل شعيرة الصلاة، فقد حذَّرنا الله عزَّ وجلَّ من أن نذهب إلى الصلاة ونحن كسالى.
3- كثرة الاستغفار:
فقد كان النبيُّ كثير الاستغفار، رغم أنَّه المعصوم، وقد غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر، ونحن ينبغي أن نقتدي به.
4- ترك المعاصي:
إنَّ ما يورث عدم صفاء القلب والسريرة هو اقتراف المعصية، فعليك -أخي الحبيب- أن تتجنَّب المعاصي كبيرها وحقيرها، وأن تضع نصب عينيك هذه الأبيات الشعريَّة التي وردت عن الإمام الشافعيّ:
شكوتُ إلى وكيعٍ سوء حفظي....... فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخـبرني بأنَّ العـلم نـورٌ....... ونور الله لا يُهدَى لعـاصي
وفى الحديث الشريف قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله عزَّ وجلَّ يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها"رواه مسلم، والمعاصي تمحق البركة في كلِّ شيء، وتقاوم المسلم عند الإقدام على الطاعات، فإذا أكثر العبد من المعاصي طُبِع على قلبه، فأصبح لا يعرف معروفا، ولا ينكر منكرا، وقد قال تعالى: "كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون"، والمعصية تُبعِد الملائكة وتقرِّب الشياطين.
5- الاستعاذة من الشيطان الرجيم:
فقد يئس الشيطان أن يُعبَد في الأرض، ولكنَّه لم ييأس من التحريش بين العباد وإشغالهم عن أداء الطاعات، فأكثِر من الاستعاذة، واتفل عن يسارك ثلاثاً في حالة وسوسة الشيطان، وحصِّن نفسك بكثرة الطاعات وأداء النوافل، فالشيطان وظيفته إخراج الناس من الطاعات إلى المعاصي، فكما قال الله تعالى: "إنَّ الشيطان للإنسان عدوٌّ مبين"، وقال أيضا: "ولا تتَّبعوا خطوات الشيطان إنَّه لكم عدوٌّ مبين"، ولذلك أمرنا الله أن نتعوَّذ بالله من وسوسة الشيطان: "قل أعوذ برب الناس، ملك الناس، إله الناس، من شر الوسواس الخناس...."
6- الدعاء:
وهو سلاحٌ مهمّ، فقم ليلا، وصلِّ والناس نيام، وابتهل إلى الله أن يجنِّبك الشيطان، وأن يعينك على الطاعة، وأن يجنِّبك الفتنة، وأن يحبِّبك في الطاعة، وألا يجعلها ثقيلةً عليك، والله نسأل أن يعينك على أداء الطاعات، وأن يجنِّبك الفتن ما ظهر منها وما بطن.
7- مجاهدة النفس:
فالنفس تصبو إلى اللذَّة والشهوة، وهى أمَّارةٌ بالسوء، فقد قال الله تعالى: "إنَّ النفس لأمَّارةٌ بالسوء إلا ما رحم ربِّي إنَّ ربِّي غفورٌ رحيم"، ويقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسَبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزَن عليكم، فاليوم عملٌ بلا حساب، وغداً حسابٌ بلا عمل".