في البدء كانت جنة الماء المسافر في العيون
تلم غيم الشهد و السدر القليل
و تغزل الوطن الحريري على ضوء القمر
و الصبح فيها وردة للعاشقين
و الماء يسكب ظله المطروز في عين المدى
و أنت تلتقطين حب التين و الزيتون
و الوهج القديم
كم كان يكفي من رحيق الروح
كي تتطلعي يوما إلى همس الدعاء
و إلى جبين الشمس و القمر الغريب...
منذ اعتراك الوهم
و انتزعت قبيلتك الندية و شمها
و ثراك يقتله الأنين
هل أصبحت شرفات هذا الصبح
تنثر شهوة الموت المعربد في ثراك العامري؟
إني أرى أشلاء هذا الماء تصنع فلكها
و تخيط أردية السنين
لتهجر المدن التي باتت تجرجر عارها
و تبيع أشجار الحنين ...
الشهقة الأولى
سيكتبها جباة الليل فوق جبين نخل تائه
يروي ثقوب الذاكرة
و يخيط حكيا لم يزل يذوي
كأذيال المساء...
هل يبتليك العشق في زمن البكاء
فتنثرين دم الحناجر في حشاشات الرحيل؟...
كم قلت إنك قبلة المهووس
يدخلها ليغسل عمره المسكوب في كف الطريق
لم يبق من أخبار هذا النخل
غير جذوع ظل منزلة...
آه على نخل تجرد و انجلت سوءاته .
و القصف يعقبه كأردية الظلام
ألقوا عليه قميصه الدامي
ليرجع ظله المغمى
و يرتشف الحنين إلى المدى
و إلى جراح الليل حين يدكه عصف الصهيل...