أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} الْآيَةُ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: فَأَذِنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْقَصْرِ فِي الْخَوْفِ، وَالسَّفَرِ وَأَمَرَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذَا كَانَ فِيهِمْ يُصَلِّي لَهُمْ صَلاَةَ الْخَوْفِ أَنْ يُصَلِّيَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَعْدَ فَرِيقٍ فَكَانَتْ صَلاَةُ الْخَوْفِ مُبَاحَةً لِلْمُسَافِرِ، وَالْمُقِيمِ بِدَلاَلَةِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: فَلِلْمُسَافِرِ، وَالْمُقِيمِ إذًا آنَ الْخَوْفُ أَنْ يُصَلِّيَهَا صَلاَةَ الْخَوْفِ، وَلَيْسَ لِلْمُقِيمِ أَنْ يُصَلِّيَهَا إلَّا بِكَمَالِ عَدَدِ صَلاَةِ الْمُقِيمِ، وَلِلْمُسَافِرِ أَنْ يَقْصُرَ فِي صَلاَةِ الْخَوْفِ إنْ شَاءَ لِلسَّفَرِ، وَإِنْ أَتَمَّ فَصَلاَتُهُ جَائِزَةٌ، وَأَخْتَارُ لَهُ الْقَصْرَ.
كيفية صلاة الخوف [قَالَ الشَّافِعِيُّ] رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ، وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى} الْآيَةُ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ عَمَّنْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ (صَلاَةَ الْخَوْفِ أَنَّ طَائِفَةً صُفَّتْ مَعَهُ، وَطَائِفَةٌ، وَجَاءَ الْعَدُوُّ فَصَلَّى بِاَلَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ انْصَرَفُوا فَصُفُّوا، وِجَاهَ الْعَدُوِّ وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمْ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ).
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ يُخْبِرُ عَنْ أَخِيهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَ هَذَا الْحَدِيثِ أَوْ مِثْلَ مَعْنَاهُ لاَ يُخَالِفُهُ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: فَكَانَ بَيِّنًا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ بِطَائِفَةٍ فَإِذَا سَجَدَ كَانُوا مِنْ وَرَائِهِ، وَجَاءَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَصَلَّوْا مَعَهُ، وَاحْتَمَلَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَإِذَا سَجَدُوا} إذَا سَجَدُوا مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سُجُودِ الصَّلاَةِ كُلِّهِ، وَدَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَ دَلاَلَةِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّهُ ذَكَرَ انْصِرَافَ الطَّائِفَتَيْنِ وَالْإِمَامِ مِنْ الصَّلاَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَضَاءً.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَرُوِيَتْ أَحَادِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَلاَةِ الْخَوْفِ حَدِيثُ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ أَوْفَقُ مَا يَثْبُتُ مِنْهَا لِظَاهِرِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقُلْنَا بِهِ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: فَإِذَا صَلَّى الْإِمَامُ صَلاَةَ الْخَوْفِ صَلَّى كَمَا وُصِفَتْ بِدَلاَلَةِ الْقُرْآنِ ثُمَّ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: فَإِذَا صَلَّى بِهِمْ صَلاَةَ الْخَوْفِ مُسَافِرٌ فَكُلُّ طَائِفَةٍ هَكَذَا يُصَلِّي بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَةً ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْرَأُ فَيُطِيلُ الْقِرَاءَةَ، وَتَقْرَأُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى لِأَنْفُسِهَا لاَ يَجْزِيهَا غَيْرُ ذَلِكَ لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ مِنْ إمَامَتِهِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ إلَى الْقَصْرِ، وَتُخَفِّفُ ثُمَّ تَرْكَعُ، وَتَسْجُدُ، وَتَتَشَهَّدُ، وَتُكْمِلُ حُدُودَهَا كُلَّهَا وَتُخَفِّفُ ثُمَّ تُسَلِّمُ فَتَأْتِي الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَيَقْرَأُ الْإِمَامُ بَعْدَ إتْيَانِهِمْ قَدْرَ أُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ قَصِيرَةٍ لاَ يَضُرُّهُ أَنْ لاَ يَبْتَدِئَ أُمَّ الْقُرْآنِ إذَا كَانَ قَدْ قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي أَدْرَكُوهَا بَعْدَ أُمِّ الْقُرْآنِ ثُمَّ يَرْكَعُ، وَيَرْكَعُونَ مَعَهُ، وَيَسْجُدُ فَإِذَا انْقَضَى السُّجُودُ قَامُوا فَقَرَءُوا لِأَنْفُسِهِمْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَسُورَةٍ قَصِيرَةٍ، وَخَفَّفُوا ثُمَّ جَلَسُوا مَعَهُ، وَجَلَسَ قَدْرَ مَا يَعْلَمُهُمْ قَدْ تَشَهَّدُوا، وَيَحْتَاطُ شَيْئًا حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ أَبْطَأَهُمْ تَشَهُّدًا قَدْ أَكْمَلَ التَّشَهُّدَ أَوْ زَادَ ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهِمْ، وَلَوْ كَانَ قَرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ، وَسُورَةً قَبْلَ أَنْ يَدْخُلُوا مَعَهُ ثُمَّ رَكَعَ بِهِمْ حِينَ يَدْخُلُونَ مَعَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ أَوْ يَقْرَءُوا شَيْئًا أَجْزَأَهُ، وَأَجْزَأَهُمْ ذَلِكَ، وَكَانُوا كَقَوْمٍ أَدْرَكُوا رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ، وَلَمْ يُدْرِكُوا قِرَاءَتَهُ، وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَقْرَءُوا بَعْدَمَا يُكَبِّرُونَ مَعَهُ كَمَا تَقَدَّمَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَسُورَةٍ خَفِيفَةٍ فَإِذَا كَانَتْ الصَّلاَةُ الَّتِي يُصَلِّيهَا بِهِمْ الْإِمَامُ مِمَّا لاَ يَجْهَرُ الْإِمَامُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ لَمْ يَجْزِ الطَّائِفَةَ الْأُولَى إلَّا أَنْ تَقْرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ أَوْ أُمِّ الْقُرْآنِ، وَزِيَادَةً مَعَهَا إذَا أَمْكَنَهُمْ أَنْ يَقْرَءُوا، وَلَمْ يَجْزِ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ إذَا أَدْرَكَتْ مَعَ الْإِمَامِ مَا يُمْكِنُهَا فِيهِ قِرَاءَةُ أُمِّ الْقُرْآنِ إلَّا أَنْ تَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ أَوْ أُمِّ الْقُرْآنِ وَشَيْءٌ مَعَهَا بِكُلِّ حَالٍ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَإِذَا كَانَتْ صَلاَةُ الْخَوْفِ فِي الْحَضَرِ لاَ يُجْهَرُ فِيهَا لَمْ يَجْزِ وَاحِدَةً مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَةٌ لاَ يُقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ إلَّا مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ لَهُ فِي وَقْتٍ لاَ يُمْكِنُهُ فِيهِ أَنْ يَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَإِذَا كَانَتْ صَلاَةُ خَوْفٍ أَوْ غَيْرِ خَوْفٍ يُجْهَرُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَكُلُّ رَكْعَةٍ جُهِرَ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَفِيهَا قَوْلاَنِ: أَحَدُهُمَا لاَ يُجْزِئُ مَنْ صَلَّى مَعَهُ إذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَقْرَأَ إلَّا أَنْ يَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَالثَّانِي يُجْزِئُهُ أَنْ لاَ يَقْرَأَ، وَيَكْتَفِي بِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ، وَإِذَا كَانَتْ الصَّلاَةُ أَرْبَعًا أَوْ ثَلاَثًا لَمْ يُجْزِهِ فِي وَاحِدٍ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْآخِرَتَيْنِ أَوْ الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ إلَّا أَنْ يَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ أَوْ يَزِيدَ، وَلاَ يَكْتَفِي بِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَإِذَا صَلَّى الْإِمَامُ بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى فَقَرَأَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ، وَسَجَدُوا مَعَهُ ثُمَّ جَاءَتْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ لَمْ يَسْجُدُوا تِلْكَ السَّجْدَةَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا فِي صَلاَةٍ كَمَا لَوْ قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ بِسَجْدَةٍ فَسَجَدَتْ الطَّائِفَةُ الْآخِرَةُ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْأُولَى أَنْ تَسْجُدَ مَعَهُمْ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مَعَهُ فِي صَلاَةٍ.
انتظار الإمام الطائفة الثانية [قَالَ الشَّافِعِيُّ] رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَإِذَا صَلَّى الْإِمَامُ مُسَافِرًا الْمَغْرِبَ صَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَتَيْنِ فَإِنْ قَامَ، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ فَحَسَنٌ، وَإِنْ ثَبَتَ جَالِسًا، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى الرَّكْعَةَ الْبَاقِيَةَ عَلَيْهِ بِاَلَّذِينَ خَلْفَهُ الَّذِينَ جَاءُوا بَعْدُ فَجَائِزٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَحَبُّ الْأَمْرَيْنِ إلَيَّ أَنْ يَثْبُتَ قَائِمًا لِأَنَّهُ إنَّمَا حُكِيَ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَبَتَ قَائِمًا)، وَإِنَّمَا اخْتَرْت أَنْ يُطِيلَ فِي الْقِرَاءَةِ لِتُدْرِكَ الرَّكْعَةَ مَعَهُ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ لِأَنَّهُ إنَّمَا حُكِيَتْ صَلاَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْخَوْفِ رَكْعَتَيْنِ، وَلَمْ تُحْكَ الْمَغْرِبُ وَلاَ صَلاَةُ خَوْفٍ فِي حَضَرٍ إلَّا بِالْخَنْدَقِ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ صَلاَةُ الْخَوْفِ فَكَانَ قِيَامُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَنَّهُ فِي مَوْضِعِ قِيَامٍ حِينَ قُضِيَ السُّجُودُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ جُلُوسٌ فَيَكُونُ فِي مَوْضِعِ جُلُوسٍ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: فَإِذَا كَانَ يُصَلِّي بِالطَّائِفَةِ الْمَغْرِبَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ تَأْتِي الْأُخْرَى فَيُصَلِّي بِهَا رَكْعَةً، وَإِنَّمَا قَطَعَتْ الْأُولَى إمَامَةَ الْإِمَامِ، وَصَلاَتُهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ فِي مَوْضِعِ جُلُوسِ الْإِمَامِ فَيَجُوزُ أَنْ يَجْلِسَ كَمَا جَازَ لِلْإِمَامِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ إذَا قَطَعُوا إمَامَتَهُ فِي مَوْضِعِ قِيَامٍ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَهَكَذَا إذَا صَلَّى بِهِمْ صَلاَةَ الْخَوْفِ فِي حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ أَرْبَعًا فَلَهُ أَنْ يَجْلِسَ فِي مَثْنًى حَتَّى يَقْضِيَ مَنْ خَلْفَهُ صَلاَتَهُمْ، وَيَكُونَ فِي تَشَهُّدٍ وَذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ يَقُومَ فَيُتِمَّ بِالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَلَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ فَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَةً، وَثَبَتَ قَائِمًا فَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ صَلَّى بِالثَّانِيَةِ رَكْعَتَيْنِ أَجْزَأَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَكْرَهُ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَعَهُ فِي الصَّلاَةِ فِرْقَتَانِ صَلاَةُ إحْدَاهُمَا أَكْثَرُ مِنْ صَلاَةِ الْأُخْرَى فَأَوْلاَهُمَا أَنْ يُصَلِّيَ الْأَكْثَرَ مَعَ الْإِمَامِ الطَّائِفَةُ الْأُولَى، وَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ صَلَّى صَلاَةً عَدَدُهَا رَكْعَتَانِ فِي خَوْفٍ فَصَلَّى بِالْأُولَى رَكْعَةً ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ قَامَ بِالطَّائِفَةِ الَّتِي خَلْفَهُ رَكْعَةً فَإِنْ كَانَ جُلُوسُهُ لِسَهْوٍ فَصَلاَتُهُ وَصَلاَةُ مَنْ خَلْفَهُ تَامَّةٌ، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَإِنْ كَانَ جُلُوسُهُ لِعِلَّةٍ فَصَلاَتُهُمْ جَائِزَةٌ لاَ سُجُودَ لِلسَّهْوِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عِلَّةٍ، وَلاَ سَهْوٍ فَجَلَسَ قَلِيلاً لَمْ تَفْسُدْ صَلاَتُهُ، وَإِنْ جَلَسَ فَأَطَالَ الْجُلُوسَ فَعَلَيْهِ عِنْدِي إعَادَةُ الصَّلاَةِ فَإِنْ جَاءَتْ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى، وَهُوَ جَالِسٌ فَقَامَ، فَأَتَمَّ بِهِمْ، وَهُوَ قَائِمٌ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ عَالِمًا بِإِطَالَةِ الْجُلُوسِ لِغَيْرِ عِلَّةٍ، وَلاَ سَهْوٍ ثُمَّ دَخَلَ مَعَهُ فَعَلَيْهِ عِنْدِي الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُ عَالِمٌ بِأَنَّهُ دَخَلَ مَعَهُ، وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّ الْإِمَامَ قَدْ خَرَجَ مِنْ الصَّلاَةِ، وَلَمْ يَسْتَأْنِفْ تَكْبِيرَ افْتِتَاحٍ يَسْتَأْنِفُ بِهِ الصَّلاَةَ كَمَا يَكُونُ عَلَى مَنْ عَلِمَ أَنَّ رَجُلاً افْتَتَحَ الصَّلاَةَ بِلاَ تَكْبِيرٍ أَوْ صَنَعَ فِيهَا شَيْئًا يُفْسِدُهَا، وَصَلَّى وَرَاءَهُ أَنْ يَقْضِيَ صَلاَتَهُ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ مَا صَنَعَ مِمَّنْ صَلَّى وَرَاءَهُ مِنْ الطَّائِفَةِ فَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ كَمَا يَكُونُ مَنْ صَلَّى خَلْفَ رَجُلٍ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ مُفْسِدٍ لِصَلاَتِهِ بِلاَ عِلْمٍ مِنْهُ تَامَّ الصَّلاَةِ " قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَفِيهَا قَوْلٌ آخَرُ إذَا كَانَ الْإِمَامُ قَدْ أَفْسَدَ الصَّلاَةَ عَامِدًا فَصَلاَةُ مَنْ خَلْفَهُ، عَلِمَ بِإِفْسَادِهَا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بَاطِلَةٌ لِأَنَّا إنَّمَا أَجَزْنَا صَلاَتَهُ خَلْفَ الْإِمَامِ لَمْ يَعْمِدْ فَسَادَهَا لِأَنَّ عُمَرَ قَضَى، وَلَمْ يَقْضِ الَّذِينَ صَلَّوْا خَلْفَهُ وَعُمَرُ إنَّمَا قَضَى سَاهِيًا ".