امير الاحزان مشرف قسم الضحك والفرفشه
تاريخ الميلاد : 13/07/1993 العمر : 31 تاريخ التسجيل : 12/03/2010 نقاط : 54286 السٌّمعَة : 10
| موضوع: تجديد المشروع النهضوي العربي الخميس أبريل 01, 2010 8:48 pm | |
| أطلق مركز دراسات الوحدة العربية في الثاني والعشرين من شهر فبراير الماضي الصيغة النهائية للمشروع النهضوي العربي ويمكن القول دون أدني مبالغة, إن صدور الكتاب الذي يتضمن مكونات المشروع الأساسية, يعد حدثا فكريا ينبغي الوقوف أمامه بالتحليل طويلا. | | |
| |
ويرد ذلك إلي أنه في الوقت الذي استطاع فيه أن يلخص أشواق الجماهير العربية وتطلعها إلي تحقيق نهضة عربية شاملة, أثار مجموعة من القضايا التي يثور بشأنها الجدل, ليس علي المستوي العربي فقط, ولكن علي المستوي العالمي أيضا. فمشكلة النهضة المطروحة في بلادنا تثير تساؤلات حول كيف يمكن تحقيقها في ظل تحديات العولمة السياسية, والاقتصادية والثقافية؟ كما أن التطلع إلي تحقيق الوحدة العربية يثير قضية العصر, وهو تنازل عدد من الدول المتقدمة عن جزء من سيادتها الوطنية في سبيل الانضمام إلي تجمع إقليمي أوسع, قادر علي المنافسة الاقتصادية في عالم العمالقة, وأبرز أمثلته الاتحاد الأوروبي. أما السعي إلي الديمقراطية في ظل العولمة التي ترفع هذا الشعار, مع شعارات احترام التعددية وحقوق الإنسان, فيثير تساؤلات أبرزها: أي ديمقراطية نريد في العالم العربي؟ وما هي مكوناتها الأساسية؟ وهل هناك إجماع بين جميع الفصائل السياسية العربية علي مضمونها وآلياتها؟, وإذا ألقينا البصر إلي مكون آخر من مكونات المشروع النهضوي العربي, وهو ضرورة تحقيق التنمية المستقلة, فإن السؤال الذي يطرح نفسه هل هذا ـ في ظل العولمة بتشابكاتها المتعددة واقتصادها الذي يقوم علي الاعتماد المتبادل ـ هدف واقعي أم أنه دعوة خيالية؟ وماذا عن العدالة الاجتماعية التي دار حولها صراع إيديولوجي ضار بين المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي طوال القرن العشرين, هل يمكن الجمع بينها وبين الحرية السياسية في بنية واحدة متماسكة؟. وأخيرا هل يمكن تحقيق الاستقلال الوطني والقومي في ظل ظاهرة الانتقاص من سيادة الدول بسبب العولمة من ناحية, وتأثيرها الحاسم علي عملية صنع القرار السياسي والاقتصادي, نظرا لظهور التكتلات السياسية والاقتصادية من ناحية أخري؟. *** بعبارة وجيزة هذه طائفة مهمة من التساؤلات النظرية والمنهجية والعملية التي تطرحها وثيقة المشروع النهضوي العربي التي أعلنها مركز دراسات الوحدة العربية في فبراير الماضي في اجتماع رأسه مدير المركز دكتور خير الدين حسيب. وفي تقديرنا أنها ليست نهاية المطاف في التفكير النهضوي العربي, بل انها ينبغي أن تكون بداية جديدة للتخطيط الاستراتيجي للمستقبل, لأنها تحمل في الواقع خبرات القرن العشرين فيما يتعلق بالصراع الإيديولوجي بين الماركسية والاشتراكية والرأسمالية من ناحية, وتتضمن أيضا الخبرات المهمة التي مر بها الوطن العربي طوال الخمسين عاما الماضية, والتي كانت في الواقع زاخرة بالتقدم والتراجع, بالمد والجزر, بالنصر والهزيمة, وبالمقاومة والاستسلام. خبرات بالغة العمق علي المستوي القطري والقومي تحتاج إلي تحليل نقدي متعمق. وفي تصورنا أن بداية أي نهضة تكون بممارسة النقد الذاتي, وقد عنينا من قبل ـ في إطار تحليل أزمة الثقافة السياسية العربية ـ بالدراسة التفصيلية لموجات النقد الذاتي المتتابعة في الفكر العربي المعاصر, ابتداء من أدبيات النقد الذاتي الذي مارسه عدد من المفكرين العرب عقب الهزيمة العربية في الحرب العربية ـ الإسرائيلية عام1948, إلي الكتابات المهمة التي صدرت عقب عزيمة يونيو1967, وصولا إلي إثارة موضوع أزمة التطور الحضاري عام1974, في ندوة عربية جامعة, وأخيرا إثارة موضوع المأزق العربي عام1986( راجع فصل: خطاب الأزمة وأزمة الخطاب في الموجة الرابعة من موجات النقد الذاتي في كتابنا: الوعي القومي المعاصر, القاهرة, مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية1991). ويبقي السؤال: لماذا لابد أن تبدأ النهضة بالنقد الذاتي؟ لسبب بسيط مؤداه أنه ينبغي علي المجتمع المحدد أو الأمة, أن تحلل خبراتها الماضية وأن تشخص السلبيات السائدة, ليس ذلك فقط بل وينبغي أن تعطيها التكييف الصحيح. وتلك هي المقدمة الضرورية لأي تفكير نهضوي, عليه أن يواجه هذه السلبيات, من خلال تبني منظومة جديدة من القيم السياسية والاقتصادية والثقافية, ليس ذلك فقط بل ضرورة وضع سياسات عملية قابلة للتنفيذ, مع تحديد دقيق للجماعات السياسية والشرائح الطبقية التي ستقوم بعبء إطلاق شعلة النهضة, ليس علي مستوي النخبة فقط, ولكن علي صعيد الجماهير في المقام الأول, التي ينبغي ـ وفق سياسة ثقافية مرسومة ـ العمل علي رفع وعيها الاجتماعي, لكي تشارك بفاعلية في مخطط النهوض القومي. وإذا كانت ممارسة النقد الذاتي, كما أكدنا أكثر من مرة هي المقدمة الضرورية لإطلاق مشروع نهضوي عربي جديد, فإن علينا أن نتساءل أولا: ما هي أوجه النقد التي وجهت للتجربة العربية التي امتدت لفترة أكثر من نصف قرن؟ وما هي السياسات البديلة التي اقترحتها النخبة السياسية والفكرية العربية؟. الموجة الأولي من النقد الذاتي العربي بدأت عقب الهزيمة العربية في الحرب الإسرائيلية ـ العربية عام1948, وكان أبرز اجتهاداتها الفكرية الكتاب الذي أصدره المؤرخ اللبناني المعروف قسطنطين رزيق بعنوان معني النكبة, وقد أبرز عاملين أساسيين أديا إلي الهزيمة, وهما غياب التفكير العلمي في المجتمع العربي من ناحية, والافتقار إلي الممارسة الديمقراطية. وهكذا يمكن ـ بمفهوم المخالفة ـ القول إن أي مشروع نهضوي عربي جديد لابد أن يقيم دعائم الفكر العلمي ويجابه ظواهر التفكير الخرافي من ناحية, وأن يرسخ قواعد الممارسة الديمقراطية علي حساب أساليب الحكم الشمولية والسلطوية العربية. وإذا ألقينا النظر إلي موجة النقد الذاتي العربي التي انطلقت عقب هزيمة يونيو1967, لاكتشفنا أن بطلها البارز كان الفيلسوف السوري المعروف صادق جلال العظم والذي قام في كتابه النقد الذاتي بعد الهزيمة بمحاولة جسور لتشخيص سلبيات الشخصية العربية, وقد ركز أساسا علي العيوب الجسيمة في عملية التنشئة الاجتماعية للأطفال العرب, وتبني مفهوما صكه عالم الاجتماع المصري المعروف حامد عمار وهو الشخصية الفهلوية, باعتباره نمطا سائدا في الشخصية العربية المعاصرة, لتفسير الهزيمة العربية عام1967. وفي ضوء تحديد حامد عمار لسمات الشخصية الفهلوية, وصل العظم إلي نتيجة مفادها أن الخصال الفهلوية التقليدية تجعلنا عاجزين عن تقبل الحقيقة والواقع, وفقا لما تفرضه الظروف الحرجة من تصرف سريع, وتضطرنا لإخفاء العيوب والفشل والنقائص بغير إنقاذ المظاهر والحفاظ علي ماء الوجه, وبالإضافة إلي ذلك رأي العظم أنه إذا كان من سمات الشخصية الفهلوية نزوعها إلي الحماس المفاجئ والإقدام العنيف والاستهانة بالصعاب في أول الطريق, ثم انطفاء وفتور المهمة عندما يتبين للفهلوي أن الأمر يستدعي المثابرة والجلد والعمل المنتظم الذي لا تظهر نتائجه إلا ببطء وعلي شكل تراكمي. ويربط العظم بين سمة أخري من سمات الشخصية الفهلوية وبين سلوك العرب قبل الحرب, ونعني السمة الخاصة بالمغالاة في تأكيد الذات, والميل الملح لإظهار القدرة الفائقة في التحكم بالأمور. غير أن عديدا من الكتاب العرب تحفظوا علي صياغة مفهوم الشخصية الفهلوية وقرروا أنها ليست غالبة في الشخصية العربية. وأيا ما كان الأمر, فيمكن لنا أن نستخلص بناء علي النقد الذاتي ـ بالرغم من تحفظاتنا علي بعض تعميماته الجارفة ـ أن المشروع النهضوي الجديد لابد له أن يركز علي ضرورة بناء شخصية الفرد العربي بطريقة عقلانية رشيدة, وفي سياق ديمقراطي, حتي يمكن له قراءة الواقع العالمي والقومي والعربي بغير تهويل أو تهوين, حتي تكون عملية صنع القرار تتم في إطار مناقشة نقدية للبدائل المختلفة, في مواقف السلم وظروف الحرب علي السواء. أما الموجة الثالثة من موجات النقد الذاتي فمثلتها خير تمثيل الندوة الفكرية المهمة التي نظمتها جمعية الخريجين الكويتية في الكويت, ونشرت أعمالها بعنوان أزمة التطور الحضاري في الوطن العربي وذلك في أبريل1974, وهذه الندوة في تقديرنا من أهم الندوات الفكرية العربية التي عقدت في النصف الأخير من القرن العشرين, بحكم تمثيلها الممتاز للمفكرين العرب من المشرق والمغرب والخليج, بالإضافة إلي عمق أبحاثها وثراء مناقشاتها وقد جاءت في تقديم أعمال الندوة عبارة مهمة تكشف عن فلسفتها وتشخيصها للمشهد الحضاري العربي الراهن. والعبارة تقول تمر أمتنا العربية بمرحلة حاسمة في صراعها من أجل النهوض وتجاوز التخلف, وبينما ترجع البدايات الأولي لحركة النهضة العربية الحديثة إلي النصف الأول من القرن التاسع عشر, فإننا اليوم وفي الربع الأخير من القرن العشرين لانزال نواجه تحديات كبيرة وصعبة تعارض طريق بناء نهضتنا الراهنة, وتشير المقدمة أيضا إلي الآثار السلبية للظاهرة الاستعمارية في وطننا العربي, غير أنها تحذر من اعتبارها العامل الوحيد للتخلف وتقرر بوضوح كامل فإننا ندرك الأسباب الداخلية والذاتية النابعة من واقعنا الحضاري, وندرك ضرورة تحليلها العلمي العميق وتجاوزها الحتمي, ومعني ذلك ضرورة تحليل الأسباب المجتمعة للقصور في الأداء العربي. أما الموجة الرابعة فيمثلها كتاب المأزق العربي الذي صدر عام1986 عن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة وأشرف علي تحريره لطفي الخولي وشاركت في تحريره نخبة من الكتاب العرب حاولوا الاجتهاد في تفسير مظاهر وأسباب المأزق العربي الذي يدل عليه عجز العالم العربي عن التعامل الإيجابي مع الدولة الإسرائيلية والنظام الدولي من جانب, والفشل في مواجهة القضايا المجتمعية الأساسية وفي مقدمتها غياب الديمقراطية. وفي ضوء العرض السابق ـ يتأكد حكمنا بأن البداية الحقيقية لتجديد المشروع النهضوي العربي هي ممارسة النقد الذاتي الذي تم بالفعل في العقود الماضية, عبر دروب شتي وفي ضوء اجتهادات فكرية متنوعة. وهكذا يمكن القول إن تجديد المشروع النهضوي العربي الآن, وهي المهمة الأساسية التي ندب نفسه لتحقيقها مركز دراسات الوحدة العربية وخصوصا منذ مشروعه الرائد عن استشراق المستقبل العربي عام1982, يعد ذروة من ذرا إيجابية الفكر العربي المعاصر, الذي لا يقنع بالنقد السلبي, وإنما يتقدم لكي يقدم رؤية استراتيجية للمستقبل.
|
| |
|
mado مشرف فوزير والغاز
تاريخ الميلاد : 01/01/1992 العمر : 32 تاريخ التسجيل : 29/03/2010 نقاط : 55167 السٌّمعَة : 4
| موضوع: رد: تجديد المشروع النهضوي العربي الجمعة أبريل 09, 2010 4:24 am | |
| | |
|