روى الأئمة عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يوشك الفرات أن يحسر عن كنز من ذهب، فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا) وفى رواية: (عن جبل من ذهب). لفظ البخارى ومسلم، وقال مسلم فى رواية: (فيقتتل الناس عليه فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون ويقول كل واحد منهم لعلى أكون أنا الذى أنجو) وقال ابن ماجه: (فيقتتل الناس عليه، فيقتل من كل عشرة تسعة).
وخرج مسلم والترمذى عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تقىء الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة، فيجىء القاتل فيقول: فى هذا قتلت، ويجىء القاطع فيقول فى هذا قطعت رحمى، ويجىء السارق فيقول: فى هذا قطعت يدى، ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئا) لم يذكر الترمذى السارق وقطع يده، وقال: حديث حسن غريب.
فصل: قال الحليمى رحمه الله فى كتاب منهاج الدين له: وقال عليه الصلاة والسلام: (يوشك أن يحسر الفرات عن جبل من ذهب فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا) فيشبه أن يكون هذا فى آخر الزمان الذى أخبر النبى صلى الله عليه وسلم أن المال يفيض فيه فلا يقبله أحد، وذلك زمن عيسى عليه الصلاة والسلام، فلعل بسبب هذا الفيض العظيم ذلك الجبل مع ما يغنمه المسلمون من أموال المشركين، ويحتمل أن يكون نهيه عن الأخذ من ذلك الجبل لتقارب الأمر وظهور أشراطه، فإن الركون إلى الدنيا والاستكثار من ذلك جهل واغترار، ويحتمل أن يكون إذا حرصوا على النيل منه تدافعوا وتقاتلوا، ويحتمل أن يكون لا يجرى به مجرى المعدن، فإذا أخذه أحدهم ثم لم يجد من يخرج حق الله إليه لم يوفق بالبركة من الله تعالى فيه، فكان الانقباض عنه أولى.
قال المؤلف رحمه الله: التأويل الأوسط هو الذى يدل عليه الحديث، والله أعلم.